بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
باديء ذي بدء إخي / أختي في الله يا مهموما بنفسه ومحزونا في قلبه ،،
* أحسن ظنك بالله ، لشهود وصفه بالرأفة والرحمة التي لا تتخلف ،ولوجود معاملته معك بلطفه ومننه ،،
فمن ظن انفكاك لطفه سبحانه عن قدَره فذاك لقصور نظره ، فما نزل القدر إلا سبقه اللطف وصحبه ؛ وذاك أعظم إحسان الله وبره
<< فيا مهموما بنفسه لو ألقيتها إلى الله لاسترحت >>
فما تجده القلوب من الأحزان ، فلأجل ما يحييها و ينقيها من الأدران و التعلق بما سواه
<< فتفكر،، وعلى الله ذي الجلال والجمال والكمال تعرّف >>
وليس أنفع للقلب من عزلة يجول فيها الفكر ؛ ففي الخبر : تفكر ساعة خير من عبادة سبعين سنة ،
* فإذا نزلت بك أيها الإنسان مصيبة فاذكر من هو اعظم منك بلاء ، فكم إنسان يتقطع بالأوجاع ،
وكم من مبتلى بالجذام والبرص والجنون ، وكم من إنسان مطروح لا يجد من يبريه إلا من ابتلاه ،
وكم من إنسان أعمى أو مقعد أو محموم إلى ما لا يتناهى ،،نسأل الله عافيته الدائمة في الدارين ،
وفي المقابل لا تنس ما ورد في ثواب الأمراض والأوجاع من أحاديث كثيرة وآيات قرآنية في مدح الصابرين...
* فإذا فهمت عن الله بعد تحققك برحمته ورأفته وكرمه وجوده ونفوذ قدرته وإحاطة علمه ،،
علمت أنك إذا سألته شيئا او هممت بشيء أو احتجت إلى شيء فمنعك منه ؛ فإنما منعك ذلك رحمة بك ، وإحسانا إليك ،
؛ إذ لم يمنعك من بخل ولا عجز ولا جهل ، ولا غفلة ، وإنما ذلك حسن نظر إليك ، وإتمام نعمته عليك ، لكونه أتم نظر وأحمد عاقبة :
{ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }
ــ فربما دبرنا أمرا ظننا أنه لنا فكان علينا ، وربما أتت الفوائد من وجوه الشدائد ، والشدائد من وجوه الفوائد ،
ــ وربما كمنت المنن في المحن والمحن في المنن ، وربما انتفعنا على أيدي الأعداء وأوذينا على أيدي الأحباء ،
ــ وربما تأتي المسار من حيث المضار وقد تأتي المضار من حيث المسار ،
ــ وقد يسعى العبد للدنيا أو الرياسة أو غير ذلك مما فيه ضرره ، فيمنعه الحق تعالى منه رحمة به وشفقة عليه واعتناء به ،
ــ وربما أجرى الحق سبحانه من الخلق الأذى عليك كي لا تكون ساكنا بقلبك وروحك إليهم ، فأراد أن يزعجك عن كل شيء من هذا العالم حتى لا تركن إلى شيء يشغلك عنه ، إذ محال أن تشهده وتشهد معه سواه أو تحبه وتحب معه سواه .
* فافهم أيها العبد الفقير عن مولاك ولا تتهمه فيما أولاك :
<< وتفكر،، وعلى الله ذي الجلال والجمال والكمال تعرّف >>
* فالغالب على النفس الأمارة واللوامة أن تنبسط بالعطاء فيعتريها الفرح ،وتنقبض بالمنع فيعتريها الحزن والضيق ،
لأن في العطاء متعتها وشهوتها فلا جرم أنها تنبسط بذلك ،وفي المنع قطع موادها وترك حظوظها ولا شك أنها تنقبض بذلك
وكل هذا لجهلها بربها وعدم فهمها ، فلو فهمت عن الله لعلمت أن المنع عين العطاء والعطاء عين المنع ،،
فربما أعطاك ما تشتهيه النفوس فمنعك بذلك حضرة الأنس بالقدوس ، وربما منعك ما تشتهيه نفسك ، فيتم بذلك حضورك وأنسك ..
ربما أعطاك قوت الأجسام ، فمنعك قوت الأرواح ، وربما منعك من قوت الأجسام فمتعك بقوت الأرواح ..
ربما أعطاك إقبال الخلق فمنعك من إقبال الحق ، وربما منعك من إقبال الخلق فأعطاك الأنس بالملك الحق ..
ربما أعطاك العلوم فحجبك بذلك عن شهود المعلوم ومعرفة الحي القيوم ، وربما منعك من كثرة العلوم ، وأعطاك الأنس بالحي القيوم ، فأحطت بكل مجهول ومعلوم ..
ربما أعطاك عز الدنيا ومنعك عز الآخرة ، وربما منعك من عز الدنيا وأعطاك عز الآخرة إلى غير ذلك مما لا يحصيه إلا علام الغيوب ..
ربما أعطاك التعزز بالخلق ومنعك التعزز بالحق ، وربما منعك من التعزز بالخلق وأعطاك التعزز بالملك الحق..
ربما أعطاك خدمة الكون فمنعك من شهود المكون ، وربما منعك من خدمة الكون وأعطاك شهود المكون ..
قال ابن العربي الحاتمي : " إذا مُنعت فذاك عطاؤه ، وإذا أعطيت فذاك منعه ، فاختر الترك على الأخذ "
<< فتفكر ،، وعلى الله ذي الجلال والجمال والكمال تعرّف >>
فمن فهم عن الله سلم الأمر إلى مولاه ، ولم يتهمه فيما أبرمه وقضاه ،،
* ومن لم يفهم عن الله تحسر وربما سخط ، فإذا انكشف له سر ذلك بعد علم ما كان ذلك من الخير فاتته درجة الصبر ،
لقوله عليه الصلاة والسلام" إنما الصبر عند الصدمة الأولى "صحيح البخاري
* وسبب عدم الفهم عن الله هو الوقوف مع ظواهر الأشياء دون النظر إلى بواطنها ؛
فالأكوان ( الدنيا وما اشتملت عليه ) ظاهرها غِرّة وباطنها عبرة .
ــ فأهل الغفلة والبطالة وقفوا مع متعة عاجلها وبهجة ظاهرها ، فغرتهم بزخرفها وخدعتهم بغرورها حتى أخذتهم بغتة ،
ــ وأهل اليقظة والحزم نفذوا إلى باطنها فعرفوا سرعة ذهابها وقلة بقائها فاشتغلوا بجمع الزاد وتأهبوا ليوم المعاد ،
<< فتفكر ،، وعلى الله ذي الجلال والجمال والكمال تعرّف >> وتذكر :
أن طلب الجنة بلا عمل ذنب من الذنوب ،ورجاء الشفاعة بلا سبب نوع من الغرور،[b][size=21][size=21]ورجاء رحمة من لا يطاع جهل وحمق .[/size][/size][/b]
<< فيا مهموما بنفسه لو ألقيتها إلى الله لاسترحت >>
فما تجده القلوب من الأحزان ، فلأجل ما يحييها و ينقيها من الأدران و التعلق بما سواه
فعليك بالطمأنينة والوقار ،، والسكون تحت مجاري الأقدار ،، والرجوع إلى الواحد القهار
فهل عوّدك إلا حسنا ،،!! وهل أسدى إليك إلا مننا ..!!
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
اللهم يا معلم إبراهيم عيه السلام علمنا ، ويا مفهم سليمان عليه السلام فهمنا،
ويا مؤتي لقمان الحكمة وفصل الخطاب آتنا الحكمة ،،اللهم آميـــــن
[ ملخص لحكم وفقني الله في مطالعتها من كتاب ( إيقاظ الهمم ) مع شيء من التصرف في التنسيق ]
والحمد لله رب العالمين